يكون إلا بعد الرضا عن الشافع والمشفوع له. قال تعالى: {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَاّ مِن بَعْدِ أَن يَاذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى (٢٦)} [النجم: ٢٦]. ولم يقل عن الشافع ولا المشفوع له ليكون أشمل. قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَاّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩)} [طه: ١٠٩]. وقال سبحانه: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنِ ارْتَضَى (٢٨)} [الأنبياء: ٢٨]. والآية الأولى تضمنت الشروط الثلاثة، والثانية تضمنت شرطين، والثالثة تضمنت شرطاً واحداً.
وللنبي صلى اللهُ عليه وسلم شفاعات كثيرة:
الشفاعة الأولى: شفاعته صلى اللهُ عليه وسلم لأهل الموقف حتى يُقضى بينهم بعد أن يعتذر عنها الأنبياء (آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى ابن مريم، عليهم الصلاة والسلام) حتى تنتهي إليه، وهذه الشفاعة العظمى لا تكون لأحد أبداً إلا للرسول صلى اللهُ عليه وسلم وهي أعظم الشفاعات لأن فيها إراحة الناس من هذا الموقف العظيم والكرب والغم.
الشفاعة الثانية: شفاعته صلى اللهُ عليه وسلم لأهل الجنة أن يدخلوها وذلك أن أهل الجنة إذا عبروا الصراط ووقفوا على قنطرة، فيقتص لبعضهم من بعض، ولكنهم إذا أتوا الجنة لا يجدونها مفتوحة حتى يشفع النبي صلى اللهُ عليه وسلم لهم أن يدخلوها. روى مسلم في صحيحه من حديث حذيفة وأبي هريرة رضي اللهُ عنهما قالا: قال رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم: «يَجْمَعُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ فَيَقُومُ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ لَهُمُ الْجَنَّةُ، فَيَاتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لَنَا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ». وفي آخر الحديث: