للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ (١) وَغَمْطُ النَّاسِ (٢)» (٣).

ففي هذا الحديث بيان أن الكبر على نوعين:

الأول: الاستكبار على الله وعلى دينه وعلى رسوله صلى اللهُ عليه وسلم، كاستكبار فرعون وأمثاله ممن استنكف أن يكون عبدًا لله، قال تعالى: {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَاّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَاب (٢٧)} [غافر: ٢٧].فإن نبي الله موسى دعاه إلى الهدى فاستكبر، وقال لقومه: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (٢٥)} [النازعات ٢٤ - ٢٥]. وجعله لمن بعده عبرة وآية، قال تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُون (٩٢)} [يونس: ٩٢]. وهذا المصير هو مصير كل جبار ومعاند قبل فرعون وبعده، يشتركون كلهم في ذلك المصير المخزي كما اشتركوا في التكبر على الله وعلى رسوله، قال تعالى: {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُون (٣٣) إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِين (٣٤) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُون (٣٥)} [الصافات: ٣٣ - ٣٥].

والكبرياء من خصائص الجبار سبحانه كما جاء في الحديث


(١) بطر الحق: دفعه ورده على قائله.
(٢) غمط الناس: احتقارهم.
(٣) برقم ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>