للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الثاني: التكبر على الخلق وقد مر بيانه بأنه غمط الناس: أي احتقارهم وازدراؤهم، وهذا إنما ينشأ عند أهل النقص والدناءة، فيريدون تعويض ذلك بإظهار ما ليسوا بأهله، وحينئذ ينشأ الكبر عندهم، ولهذا جاء التوجيه النبوي الكريم بالأمر بالتواضع قال صلى اللهُ عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ: أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» (١).

قال الغزالي رحمه الله: «فالكبر آفة عظيمة هائلة، وفيه يهلك الخواص من الخلق، وقلما ينفك عنه العباد والزهاد والعلماء، فضلاً عن عوام الخلق، وكيف لا تعظم آفته وقد قال صلى اللهُ عليه وسلم لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، وإنما صار حجاباً دون الجنة، لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين كلها، وتلك الأخلاق هي أبواب الجنة، والكبر يغلق تلك الأبواب كلها، لأنه لا يقدر على أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه، وفيه شيء من الكبر، فما من خُلُقٍ ذميم إلا وصاحب الكبر مضطر إليه ليحفظ كبره، وما من خُلُقٍ محمودٍ إِلَّا وهو عاجز عنه خوفاً من أن يفوته عزه، فمن هذا لم يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة منه، والأخلاق الذميمة متلازمة، والبعض منها داع إلى البعض، وشر أنواع الكبر ما يمنع من الاستفادة من العلم، وقبول الحق، والانقياد له» (٢). اهـ.

ومما ينبغي التنبيه عليه أن الكبر يشمل تزكية النفس والإعجاب


(١) برقم ٢٨٦٥.
(٢) إحياء علوم الدين (٣/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>