للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيم (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إِلَاّ مِنْ غِسْلِين (٣٦) لَا يَاكُلُهُ إِلَاّ الْخَاطِؤُون (٣٧)} [الحاقة: ٣٥ - ٣٧].

وشراب أهل النار الحميم الذي بلغ غاية الحرارة إذا قُرِّبَ من وجوههم شواها حتى يتساقط اللحم، فإذا شربوه قطع أمعاءهم: {وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا (٢٩)} [الكهف: ٢٩].

والماء المهل كالزيت المحروق أسود غليظ منتن، قال تعالى: {وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُم (١٥)} [محمد: ١٥]. وكذلك الغَسَّاق، قال تعالى: {لَاّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَاّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥)} [النبأ: ٢٤ - ٢٥]. والغَسَّاق: قال ابنُ الأثير: الغساق: بالتخفيف والتشديد، ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم، وقيل: ما يسيل من دموعهم، وقيل: هو الزمهرير (١)، فهو باردٌ لا يُستطاعُ مِن برده، ولا يُواجَه مِن نتنه (٢)، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «لَو أَنَّ دَلوًا مِن غَسَّاقٍ يُهرَاقُ فِي الدُّنيَا، لَأَنتَنَ أَهلَ الدُّنيَا» (٣) فجهنم لها ألوان من العذاب، قال تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاق (٥٧) وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاج (٥٨)} [ص: ٥٧ - ٥٨].

وأما الجنة فإن نعيمها يفوق الوصف، ويقصر دونه الخيال ليس لنعيمها نظير فيما يعلمه أهل الدنيا، كما قال ابن عباس رضي اللهُ عنهما:


(١) النهاية في غريب الحديث (٣/ ٣٦٦).
(٢) تفسير ابن كثير (١٤/ ٢٣٣).
(٣) (١٧/ ٢٣١) برقم ١١٢٣٠، وقال محققوه حديث حسن لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>