للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينة مصونة كريمة من أهل الجنة، وكان النبي صلى اللهُ عليه وسلم يُثني عليها ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها، حتى إن عائشة كانت تقول: «ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة من كثرة ذكر النبي صلى اللهُ عليه وسلم لها» (١).

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: أَتَى جِبرِيلُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: «يَا رَسُول الله: هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ، مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَا عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا، وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ» (٢). والقصب: لؤلؤ مجوف واسع كالقصر المنيف، والصخب: اختلاط الأصوات، والنصب: التعب.

قال السهيلي: «وإنما بشرها ببيت في الجنة من قصب - يعني قصب اللؤلؤ - لأنها حازت قصب السبق إلى الإيمان، لا صخب فيه ولا نصب؛ لأنها لم ترفع صوتها على النبي صلى اللهُ عليه وسلم ولم تتعبه يوماً من الدهر، فلم تصخب عليه يوماً ولا آذته أبداً» (٣).

قال ابن إسحاق: «تتابعت على رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة، وكانت خديجة وزيرة صدق، أبوها يجتمع مع النبي صلى اللهُ عليه وسلم في جده الرابع قُصي بن كلاب، وأمها تجتمع مع النبي صلى اللهُ عليه وسلم في جده الثامن لؤي بن غالب، وكانت ذات مال، فعرضت على النبي صلى اللهُ عليه وسلم


(١) سير أعلام النبلاء (٢/ ١١٠).
(٢) برقم ٣٨٢٠ وصحيح مسلم برقم ٢٤٣٢.
(٣) البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>