للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على علمه وأمانته ما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن مسعود رضي اللهُ عنه قال: كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟ » قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ، قَالَ: «فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ؟ » فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ، فَمَسَحَ ضَرْعَهَا فَنَزَلَ لَبَنٌ، فَحَلَبَهُ فِي إِنَاءٍ، فَشَرِبَ، وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: «اقْلِصْ»، فَقَلَصَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، قَالَ: فَمَسَحَ رَاسِي وَقَالَ: «يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ» (١).

وقال عمر رضي اللهُ عنه: كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً (٢).

وكان الصحابة رضي الله عنهم يتعجبون من دقة ساقيه، فأخبر النبي صلى اللهُ عليه وسلم بمنزلته عند ربه، فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن مسعود رضي اللهُ عنه: أَنَّهُ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنَ الْأَرَاكِ، وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: «مِمَّ تَضْحَكُونَ؟ » قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ» (٣).

وكان مستجاب الدعوة، فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله رضي اللهُ عنه: أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَدْعُو، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم وَهُوَ يَدْعُو، فَقَالَ: «سَلْ تُعْطَهْ»، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا


(١) (٦/ ٨٢) برقم ٣٥٩٨ وقال محققوه إسناده حسن.
(٢) الكنيف: الوعاء، وقال هذا نظراً لصغر سنه مع أنه من أعلم الصحابة.
(٣) (٧/ ٩٩) برقم ٣٩٩١ وقال محققوه صحيح لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>