للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَينُ، وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ، وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا» (١).

وروى ابن ماجه في سننه من حديث البراء رضي اللهُ عنه قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: «يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا» (٢). فإذا كان النبي صلى اللهُ عليه وسلم يبكي حتى تبل دموعه الثرى وهو سيد الأولين والآخرين، المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بنا نحن المذنبين المقصرين؟ نسأل الله تعالى أن يعاملنا بعفوه ولطفه.

وروى الترمذي في سننه من حديث هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ رضي اللهُ عنه قَالَ: «كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ»، قَالَ: وسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ» (٣).

٤ - التباكي: وهو منزلة دون البكاء وهو مجاهدة النفس في البكاء، قال ابن القيم رحمه الله بعد ذكره أنواع البكاء: «وما كان منه مستدعًى متكلفاً وهو التباكي، وهو نوعان: محمود ومذموم،


(١) (١/ ٧١١) برقم ١٤٣٣ وقال محقق المستدرك حديث حسن صحيح وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع الصغير برقم ٤٥٨٤.
(٢) برقم ٤١٩٥ وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه برقم ٣٣٨٣.
(٣) برقم ٢٣٠٨ وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٢٦٧) برقم ١٨٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>