للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أيديهم، ويشهد لذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللهُ عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (١).

«فقوله: (شَجَاعَةً): أي ليُذكر ويشتهر بالشجاعة، ويُقاتل حمية: أي من أجل الأهل، والعشيرة، والصاحب، ويحتمل أن يفسر القتال للحمية بدفع المضرة، ويقاتل رياء: أي ليرى مكانه، فمرجع الذي قبله إلى السمعة، ومرجع هذا إلى الرياء، وكلاهما مذموم» (٢).

والرياء هو الشرك الخفي، روى ابن خزيمة في صحيحه من حديث محمود بن لبيد رضي اللهُ عنه قال: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُم وَشِركَ السَّرَائِرِ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟ قَالَ: «يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ» (٣).

«وَإِنَّمَا سُمِّيَ الرِّيَاءُ شِركًا خَفِيًّا؛ لأن صاحبه يظهر عمله لله، وقد قصد به غيره أو شركه فيه، وزيَّن صلاته لأجله، والنيات والمقاصد وأعمال القلوب لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى» (٤).


(١) برقم ٢٨١٠ وصحيح مسلم برقم ١٩٠٤.
(٢) فتح الباري (٦/ ٢٨).
(٣) صحيح ابن خزيمة (٢/ ٦٧) برقم ٩٣٧ وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/ ١١٩) برقم ٣١.
(٤) الدين الخالص (٢/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>