للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَبَاءً مَنْثُورًا»، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُم لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُم وَنَحْنُ لَا نَعلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُم إِخْوَانُكُم وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَاخُذُونَ مِنَ اللَّيلِ كَمَا تَاخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقوَامٌ: إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» (١).

وهذه صورة من صور التناقض، يصلُّون آخر الليل ولكنهم ينقضون هذه الأعمال بانتهاك حرمات المسلمين.

ومن صوره كذلك النفاق، والمنافق ظاهرُ حالِهِ الصَّلَاحُ فهو يصلي، ويحج، ويجاهد، ويتصدق، ومع ذلك يبطن الكفر والحرب على الإسلام والمسلمين، قال تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون (١)} [المنافقون: ١]. وقال تعالى: {وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور (١١٩)} [آل عمران: ١١٩].

ومن صوره ما ذكره ابن القيم رحمه الله حيث قال: «ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ، والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر الحرام وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ والاحتراز من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، ينزل في النار بالكلمة الواحدة أبعد ما بين المشرق والمغرب، وكم


(١) برقم ٤٢٤٥ قال البوصيري هذا إسناد صحيح رجاله ثقات وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (٢/ ٣٣) برقم ٥٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>