للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الدروس والعبر المستفادة من سيرة هذا البطل، وأكتفي باثنتين منها:

١ - علو همته، وحرصه الشديد على تحصيل العلم، فما بين إسلامه ووفاته لا يتجاوز ست عشرة سنة، قال ابن حجر: عاش معاذ ثلاثاً وثلاثين سنة على الصحيح (١)، وقد بلغ فيها مبلغاً عظيماً حتى عُدَّ من كبار المُفتين من الصحابة - رضي الله عنهم -، وهذا يدل على أنَّ الأعمار لا تقاس بالسنين وإنما بالإنجازات، وقد أنجز معاذ في سنوات ما لم ينجزه غيره في عشرات السنين.

٢ - شدته في الحق وفي تنفيذ أحكام الله على الكفرة، والمعاندين. روى الإِمام أحمد في مسنده من حديث أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: قَدِمَ عَلَى أَبِي مُوسَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، بِالْيَمَنِ، فَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ، قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ كَانَ يَهُودِيًّا، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَهَوَّدَ، وَنَحْنُ نُرِيدُهُ عَلَى الإِسْلَامِ مُنْذُ، قَالَ: أَحْسَبُهُ، شَهْرَيْنِ. فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَقْعُدُ حَتَّى تَضْرِبُوا عُنُقَهُ. فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، فَقَالَ: قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ: أَنَّ مَنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنِهِ فَاقْتُلُوهُ أَوْ قَالَ: مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ (٢).

رضي الله عن معاذ، وجزاه عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء، وجمعنا به في دار كرامته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١) فتح الباري (٧/ ١٢٦).
(٢) (٣٦/ ٣٤٣ - ٣٣٤) برقم ٢٢٠١٥ وقال محققوه إسناده صحيح وأصله في الصحيحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>