فلا بد من نفي الشرك في العبادة رأسًا والبراءة منه وممن فعله، كما قال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَاّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ}[الزخرف: ٢٦ - ٢٧]، فلا بد من البراءة من عبادة ما كان يُعبد من دون الله، وقال الله عنه:{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ}[مريم: ٤٨]. فيجب اعتزال الشرك وأهله والبراءة منهما، كما صرح به في قوله تعالى:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَأَىَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ وَالبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ}[الممتحنة: ٤].
والذين معه هم الرسل كما ذكره ابن جرير، وهذه الآية تتضمن التحريض على التوحيد، ونفي الشرك، والموالاة لأهل التوحيد، وتكفير من تركه بفعل الشرك المنافي له، فإن من فعل الشرك فقد ترك التوحيد.
والعروة الوثقى: هي شهادة أن لا إله إلا الله، وهي متضمنة للنفي والإِثبات، نفي جميع أنواع العبادة عن غير الله، وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له» (١). اهـ.
وبيّن في موضع آخر أن أَصل الدِّين وقاعدته أمران:
الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، والتحريض على ذلك والموالاة فيه، وتكفير من تركه، وأدلة هذا في القرآن كثيرةٌ جدًّا، كقوله تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَاّ نَعْبُدَ إِلَاّ اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران: ٦٤].
فأمر الله تعالى نبيه أن يدعو أهل الكتاب إلى معنى لا إِله إلا الله الذي دعا إِليه العرب وغيرهم، والكلمة هي لا إِله إلا الله، فسرها