للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي يستأصل أهل الباطل، ويُري عباده من نَصْرِهِ للحق أمراً لم يكن يخطر ببالهم.

{لِيُحِقَّ الْحَقَّ} أبما يظهر من الشواهد والبراهين على صحته وصدقه، {وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ} أبما يقيم من الأدلة والشواهد على بطلانه، {وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُون} فلا يبالي الله بهم (١).

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله ابن كعب رضي اللهُ عنه قال: سمعت كعب بن مالك رضي اللهُ عنه يقول: «لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي تَخَلَّفْتُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتَبْ أَحَدٌ تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ» (٢).

ومن فوائد الآيات الكريمات:

أولاً: خروج النبي صلى اللهُ عليه وسلم وأصحابه من المدينة كان بالحق، وخروج المشركين من مكة كان بالباطل، ففي الأولين قال: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} [الأنفال: ٥]. وفي الآخرين قال: {خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ} [الأنفال: ٤٧]. فَشَتَّانَ ما بين الفريقين.

ثانياً: مع علمه صلى اللهُ عليه وسلم بأن خروجه كان بأمر ربه، إلا أنه كان يستشير أصحابه مراعاة منه صلى اللهُ عليه وسلم - للطبيعة البشرية - فلينتبه دعاة الإسلام لهذا، وليقدموه للناس ليناً سهلاً.


(١) تفسير الشيخ ابن سعدي ص: ٣١٦.
(٢) برقم ٣٩٥١ وصحيح مسلم برقم ٢٧٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>