للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين (٩٦)} [آل عمران: ٩٦].

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي اللهُ عنه قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ عَامًا» (١).

ومنها: أن الله جعلها حرمًا آمنًا لا يُسْفَك فيه دم، ولا تعضد به شجرة (٢)، ولا ينفر له صيد، ولا يختلى خلاه (٣)، ولا تلتقط لقطته للتمليك بل للتعريف ليس إلا.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فِيهَا فَقُولُوا: إِنَّ اللهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَاذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا


(١) «صحيح البخاري» (برقم ٣٣٦٦)، و «صحيح مسلم» (برقم ٥٢٠). قال ابن القيِّم: وقد أشكل هذا الحديث على من لم يعرف المراد به، فقال: معلوم أن سليمان بن داود هو الذي بنى المسجد الأقصى وبينه وبين إبراهيم أكثر من ألف عام، وهذا من جهل هذا القائل، فإن سليمان إنما كان له من المسجد الأقصى تجديده، ولا تأسيسه، والذي أسسه هو يعقوب بن إسحاق - صلى الله عليهما وسلم - بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا المقدار. «زاد المعاد» (١/ ٥٠).
(٢) لا يعضد شجره: لا يقطع.
(٣) الخلا: النبات الرطب، واختلاؤه: قطعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>