للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن المبارك: لأن أرد درهمًا من شبهة أحب إليَّ من أن أتصدَّق بمئة ألف.

قال عمر - رضي الله عنه -: «كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام» وإنما فعل ذلك - رضي الله عنه - امتثالاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث النعمان بن بشير: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ» (١) الحديث.

ومن صور أكل المال المحرم: الربا الذي حرمه الله ورسوله، ولعن آكله، وكاتبه، وشاهديه. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٧٨]. وقد غلب حب المال على قلوب بعض المسلمين، فصاروا يتسابقون إلى شراء أسهم البنوك الربوية، وآخرون يودعون أموالهم في البنوك ويأخذون عليها زيادة ربوية يسمونها فوائد، وإن من الجرائم العظيمة والأمور الخطيرة، ما نشاهده من تسابق أهل هذه البنوك بوضع شتى الطرق والحيل لإِيقاع الناس في الربا، وترغيبهم بشتى الوسائل لتزداد أرصدتهم من هذه الأَموال الخبيثة، وعلى سبيل المثال: ما يسمى بطاقة فيزا سامبا، وقد صدرت فيها فتوى من اللجنة الدائمة بتحريم التعامل بها وأنها من الربا الذي حرمه الله ورسوله، وهي بطاقة يصدرها البنك بمبلغ معين يسمى قيمة إصدار، ويحق لحاملها أن يشتري ما شاء من سلع وحاجيات على أن يرد قيمة هذه السلع خلال مدة معينة، فإن لم يفعل فإنه يحسب عليه عن كل يوم فائدة (٢).


(١) صحيح البخاري برقم (٥٢)، وصحيح مسلم برقم (١٥٩٩).
(٢) فتوى رقم (١٧٦١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>