للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى البزار في مسنده مِن حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما قَالَ: قَدِمَ كَعبُ بنُ الأَشرَفِ مَكَّةَ، فَقَالَتْ لَهُ قَرَيشٌ: أَنتَ سَيِّدُهُم، أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا المُنصَبِرِ المُنبَتِرِ مِن قَومِهِ؟ يَزعُمُ أَنَّهُ خَيرٌ مِنَّا، وَنَحنُ أَهلُ الحَجِيجِ وَأَهلُ السِّدَانَةِ وَأَهلُ السِّقَايَةِ. فَقَالَ: أَنتُم خَيرٌ مِنهُ، قَالَ: فَنَزَلَتْ {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر} (١).

قال ابن كثير: وهو إسناد صحيح، وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه ينقطع ذكره، وحاشا وكلا، فقد أبقى الله ذكره، وأوجب شرعه على رقاب العباد، مستمرًّا على دوام الآباد إلى يوم الحشر، صوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم التناد (٢). اهـ.

وهذا كما قَالَ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَك (٤)} [الشرح: ٤]. قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا أُذكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ مَعِي، أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: رَفَعَ اللهُ ذِكرَهُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، فَلَيسَ خَطِيبٌ وَلَا مُتَشَهِّدٌ وَلَا صَاحِبُ صَلَاةٍ إِلَّا يُنَادِي بَها: أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ (٣).

وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.


(١) «مختصر زوائد البزار» (٢/ ١٢١) ١٥٣٨، ورجَّح بعضهم إرساله.
(٢) «تفسير ابن كثير» (١٤/ ٤٨٣).
(٣) «تفسير ابن كثير» (١٤/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>