للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشاعر:

المالُ يذهبُ حِلُّهُ وحَرَامُهُ ... يَوْمًا وتَبْقى في غدٍ آثامُهُ

لَيْس التقي بمُتَّق لإلهِه ... حَتَّى يطيب شَرابُهُ وطَعَامُهُ

ومن عقوبة أكل المال الحرام: حرمان إجابة الدعاء وقبول العبادة.

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَاّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: ٥١]، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ١٧٢]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ ! » (١).

وهذا الحديث فيه تحذير لطائفة من الناس خدعهم الشيطان، وزين لهم أعمالهم السيئة، فتراهم يأكلون الحرام وينفقون منه في بعض الأَعمال الصالحة، كبناء المساجد، أو المدارس، أو حفر الآبار، أو غير ذلك، ويظنون أنهم بهذا برئت ذمتهم، فهؤلاء يُعاقبون مرتين:

الأولى: أن الله لا يقبل منهم أعمالهم الصالحة التي أنفقوا عليها من الأموال المحرمة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَاّ طَيِّبًا» (٢).

الثانية: أنَّ الله يعاقبهم على هذا المال المحرم، ويحاسبون عليه يوم القيامة.

روى البخاري في صحيحه من حديث خولة الأنصارية رضي الله عنها: أن


(١) صحيح مسلم برقم (١٠١٥).
(٢) قطعة من حديث في صحيح مسلم برقم (١٠١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>