للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرسخًا في فرسخ - والفرسخ ثلاثة أميال وهو ما يساوي أربع كيلو ونصف تقريبًا - ثم وقفا على الثاني فقال: اكتب ميلًا في ميل، ثم وقفا على الثالث فقال: اكتب فِترًا في فتر، ثم انتبه فجيء برجل غريب لا يؤبه له فدفن في القبر الأول، ثم جيء برجل آخر فدفن في القبر الثاني، ثم جيء بامرأةٍ مُتْرَفَةٍ من وجوه البلد حولها ناس كثير فدفنت في القبر الضيق الذي سمعه يقول فترًا في فتر - والفتر ما بين الإبهام والسبابة -».

وحدثني صاحبنا أبو عبد الله محمد بن الرزيز الحراني: أنه خرج من داره بعد العصر بآمد إلى بستان، قال: فلما كان قبل غروب الشمس توسطت القبور، فإذا بقبر منها وهو جمرة نار مثل كوز الزجاج (١)، والميت في وسطه، فجعلت أمسح عيني وأقول: أنا نائم أم يقظان؟ ثم الْتَفَتُّ إلى سور المدينة وقلت: والله ما أنا بنائم، ثم ذهبت إلى أهلي وأنا مدهوش، فأتوني بطعام فلم أستطع أن آكل، ثم دخلت البلد فسألت عن صاحب القبر؟ فإذا به مَكَّاس (٢) وقد توفي ذلك اليوم.

فرؤية هذه النار في القبر كرؤية الملائكة والجن تقع أحيانًا لمن شاء الله أن يريه ذلك، فإذا شاء الله سبحانه أن يُطْلِعَ على ذلك بعض عبيده أطلعه وَغَيَّبَهُ عن غيره، إذ لو اطَّلَعَ عليه العباد كلهم لزالت


(١) كوز الزجاج: موقد نار ملتهب يستعمله صانع الزجاج، فتنقلب فيه كتلة الزجاج جمرة مُتَّقِدَة.
(٢) مَكَّاس: صاحب المَكْس، وهو الذي يجبي الضرائب من الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>