للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدٍ شَيْئًا، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ» (١).

وطائفة أخرى أكل الحسد قلوبها، فلا تكاد ترى زوجين أو صديقين متآلفين إلا سعت للتفريق بينهما بالنميمة، كل ذلك في لباس النصح والإشفاق.

وروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله: أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئًا، فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك فإن كنت كاذبًا فأنت من أهل هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦]. وإن كنت صادقًا فأنت من أهل هذه الآية: {هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيم (١١)}، وإن شئت عفونا عنك، فقال: العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدًا (٢).

قال الحسن البصري: من نَمَّ إِلَيكَ نَمَّ عَلَيكَ.

ومما تعالج به النميمة: أن يعلم النمام أنه معرض نفسه لسخط الله تعالى وعقوبته، وأنها تحبط الحسنات، وأن يتدبر المرء في عيوبه ويجتهد في التطهر منها، وأن يعلم أن تأذي غيره بالغيبة أو بالنميمة كتأذيه بها فكيف يرضى لغيره ما يتأذى به، قال الشاعر:

تَنَحَّ عَنِ النَّمِيمَةِ وَاجْتَنِبْهَا ... فَإِنَّ النَّمَّ يُحْبِطُ كُلَّ أَجْرِ

يُثِيرُ أَخُو النَّمِيمَةِ كُلَّ شَرٍّ ... وَيَكْشِفُ لِلخَلَائِقِ كُلَّ سِرِّ


(١) «سنن أبي داود» (برقم ٤٨٦٠).
(٢) «الكبائر» للذهبي (ص: ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>