للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بعدهم يجد أنهم متفائلون في أحلك الظروف، والشدائد، فهذا موسى عليه السلام ومن معه عندما لحق بهم فرعون وجنوده وأصبح البحر أمامهم، والعدو خلفهم كان متفائلًا ومحسنًا للظن بربه، قال تعالى حاكيًا عنه {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون (٦١) قَالَ كَلَاّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِين (٦٢)} [الشعراء: ٦١ - ٦٢].

وأم إسماعيل هاجر عندما تركها إبراهيم عليه السلام في مكة مع ابنها إسماعيل، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعها هنالك، ووضع عندهما جرابًا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم مضى إبراهيم منطلقًا، فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيعنا (١).

وأم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي اللهُ عنها، لما نزل الوحي على النبي صلى اللهُ عليه وسلم ورجع إليها خائفًا يقول: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي. قَالَتْ: كَلَّا وَاللهِ مَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ» (٢).

ونبينا محمد صلى اللهُ عليه وسلم كان من أعظم الناس تفاؤلًا وحسن ظن


(١) «صحيح البخاري» (برقم ٣٣٦٤).
(٢) «صحيح البخاري» (برقم ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>