للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ» (١).

لما حصلت فتنة خلق القرآن في عهد المأمون قال صالح: ثم امتحن القوم ووجه بمن امتنع إلى السجن، فأجاب القوم جميعًا إلا أربعة: أبي ومحمد بن نوح، والقواريري، والحسن بن حماد، ثم أجاب هذان وبقي أبي ومحمد في الحبس أيامًا، ثم جاء كتاب من طرسوس بحملهما مقيدين زميلين، وتوفي محمد بن نوح في الطريق، وصلى عليه الإمام أحمد.

قال عباس الدوري: سمعت أبا جعفر يقول: لما أُخذ أحمد إلى المأمون أُخبرت فعبرت الفرات، فإذا هو جالس في الخان فسلمت عليه، قال: يا أبا جعفر تعنيت، قلت: يا هذا أنت اليوم رأس، والناس يقتدون بك، فوالله لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن خلق، وإن أنت لم تجب ليمتنعن خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فإنك تموت، لا بد من الموت فاتق الله ولا تجب، وجعل أحمد يبكي ويقول له: ما شاء الله، ثم قال: يا أبا جعفر أعد عَلَيَّ، فأعدت عليه وهو يقول: ما شاء الله.

قال إبراهيم بن عبد الله: قال أحمد بن حنبل: ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها، قال: يا أحمد إن


(١) «سنن الترمذي» (برقم ٢٣٩٨)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>