للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل سماء، وهم في صنوف من العبادات، منهم من هو قائم لله أبدًا، ومنهم من هو راكع له أبدًا، ومنهم من هو ساجد أبدًا، ومنهم من هو في ألوان من الطاعات أُخر، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا مِنَّا إِلَاّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُوم (١٦٤)} [الصافات: ١٦٤]. أي: موضع مخصوص في السماوات ومقامات العبادة، لا يتجاوزه ولا يتعداه (١).

روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ (٢) السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيهِ مَلَكٌ سَاجِد لَوْ عَلمْتُمْ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشاتِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ (٣) تَجْأَرُونَ (٤) إِلَى اللَّهِ» (٥).

وهم على درجات ومقامات، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا مِنَّا إِلَاّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُوم (١٦٤)} [الصافات: ١٦٤].ومنهم الملائكة المقربون، قَالَ تَعَالَى {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلَا الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: ١٧٢]. وأفضلهم جبريل عليه السلام، وصفه الله بأنه روح القدس،


(١) «تفسير ابن كثير» (١٢/ ٦٣).
(٢) أَطَّت: قال ابن الأثير في «النهاية» (١/ ٥٤): الأطيط: صوت الأقتاب، والقَتَب: صوت الرحل.
(٣) الصعدات: أي الطرقات.
(٤) تجأرون: قال في النهاية في غريب الحديث: الجؤار: رفع الصوت والاستغاثة (١/ ٢٣٢).
(٥) «مسند الإمام أحمد» (٣٥/ ٤٠٥) (برقم ٢١٥١٦)، وقال محققوه: حسن لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>