للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه رؤيتهم لها ليعرفوا فضل الله عليهم بإنجائهم منها، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: ٧١ - ٧٢].

وقوله: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر] أي: ليسألنكم الله يوم القيامة عن كل نعمة أنعم بها عليكم، كالأمن والصحة والسمع والبصر والعافية، وما يطعمه الإِنسان ويشربه، هل قمتم بشكرها وأديتم حق الله فيها ولم تستعينوا بها على معاصيه، أَم اغتررتم بها ولم تقوموا بشكرها فيعاقبكم على ذلك.

روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟ ». قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا». فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلاً، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَيْنَ فُلَانٌ؟ ». قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ، إِذْ جَاءَ الأَنْصَارِيُّ؛ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي، قَالَ: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ، وَتَمْرٌ، وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ». فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ، وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ» (١).


(١) صحيح مسلم برقم (٢٠٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>