ومما يُحكى في هذا الباب: أن رجلًا كان له أولاد هم به بارون، فإذا أرادوا أن يردوا لجلب الماء من البئر أخذوا أباهم معهم وكان شيخًا كبيرًا ليستأنس بذلك، فإذا ما وصلوا إلى مكان البئر أنزلوا أباهم برفق عن ظهر البعير وهيئوا له مكانًا، وأوقدوا له نارًا ليستدفئ بها ويصنعون له القهوة عليها، وفي إحدى المرات شاهدوا على البئر شيخًا كبيرًا وابنه يريدان أن يستقيا من البئر، وجرت العادة أن الشخصين عند الاستسقاء يكون أحدهما في أسفل البئر وعمله أشق، والآخر في أعلى البئر، وكان ذلك الابن يأمر أباه بالنزول إلى أسفل البئر ويتهدده بالقوة، وأبوه يتلطف أن يقوم هو بالنزول ولكن دون جدوى، حتى أنزله مكرهًا، فأراد أبناء الرجل البار أن يقوموا بتأديب ذلك الابن العاق إنكارًا لفعله، فقال لهم أبوهم: لو حفرتم في الأرض حولنا لوجدتم آثار موقد النار التي كنت أضعها لوالدي، وقد رزقت بركم جزاء لما كنت أصنعه به، وأما ذاك الرجل فقد شهدته وهو يصنع بأبيه ما يصنع به ابنه الآن، والجزاء من جنس العمل.