للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتعرض لما يجلبه، وأما نفس الغضب فلا يتأتَّى النهي عنه، لأنه أمر طبيعي لا يزول من الجِبِلَّةِ (١).

وقال ابن التين: جمع صلى اللهُ عليه وسلم في قوله: «لَا تَغْضَبْ» خير الدنيا والآخرة؛ لأن الغضب يؤول إلى التقاطع، ومنع الرفق، وربما آل إلى أن يُؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من الدين (٢).

قال ابن حجر: بعدما ذكر مفاسد الغضب ومن تأمل هذه المفاسد في مقدار ما اشتملت عليه هذه الكلمة اللطيفة من قَولُهُ صلى اللهُ عليه وسلم: «لَا تَغْضَبْ» من الحكمة، واستجلاب المصلحة، ودرء المفسدة، مما يتعذر إحصاؤه والوقوف على نهايته، وهذا كله في الغضب الدنيوي لا الغضب الديني (٣). اهـ

وأخبر النبي صلى اللهُ عليه وسلم أن القوي ليس الذي يصرع الرجال، ولكنه الذي يمسك نفسه عند غضبه، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» (٤).

وَوَعَدَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم مَن مَلَكَ نَفسَهُ عِندَ الغَضَبِ بِالجَنَّةِ، روى الطبراني في مسند الشاميين مِن حَدِيثِ أَبِي الدَّردَاءِ رضي اللهُ عنه أَنَّهُ قَالَ:


(١) «فتح الباري» (١٠/ ٥٢٠).
(٢) «فتح الباري» (١٠/ ٥٢٠).
(٣) «فتح الباري» (١٠/ ٥٢٠ - ٥٢١).
(٤) «صحيح البخاري» (برقم ٦١١٤)، و «صحيح مسلم» (برقم ٢٦٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>