للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥)} [طه: ٢٥].

ومن جملة شرح الله صدر نبيه: ما فعل به ليلة الإسراء، وما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضًا، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَأُتِيتُ فَانْطُلِقَ بِي، فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَشُرِحَ صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا (١)، قَالَ قَتَادَةُ: فَقُلْتُ لِلَّذِي مَعِي: مَا يَعْنِي؟ قَالَ: إِلَى أَسْفَلِ بَطْنِهِ، فَاسْتُخْرِجَ قَلْبِي فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ أُعِيدَ مَكَانَهُ ثُمَّ حُشِيَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً» (٢).

قَولُهُ تَعَالَى: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَك (٢) أي: وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها، كما قَالَ تَعَالَى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢].

قَولُهُ تَعَالَى: {الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَك (٣) أي: أثقله حتى سمع نقيضه أي صوته، قال أهل اللغة: أنقض الحمل ظهر الناقة إذا سمع له صرير من شدة الحمل وثقله، قال بعضهم: وإنما وضعت ذنوب الأنبياء بهذا الثقل مع كونها مغفورة لشدة اهتمامهم بها وندمهم منها وتحسرهم عليها.

قَولُهُ تَعَالَى: ، {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَك (٤)} قال مجاهد: يعني التأذين


(١) أي: شق صدري إلى كذا وكذا.
(٢) «صحيح البخاري» (برقم ٣٢٠٧)، و «صحيح مسلم» (برقم ١٦٤) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>