للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلها، المؤمن، والكافر، والبر، والفاجر، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ} [الروم: ٣٣]. والثانية: إنابة أوليائه، وهي: إنابة لألوهيته، إنابة عبودية ومحبة، وهي تتضمن أربعة أمور: محبته، والخضوع له، والإقبال عليه، والإعراض عما سواه» (١). اهـ مختصرًا

والإنابة إلى الله سبحانه هي مفتاح السعادة، والهداية، قال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَاب} [الرعد: ٢٧]. روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «لَا تَمَنَّوُا الْمَوْتَ، فَإِنَّ هَوْلَ المُطَّلَعِ شَدِيدٌ (٢)، وَإِنَّ مِنَ السَّعَادَةِ أَنْ يَطُولَ عُمْرُ الْعَبْدِ، وَيَرْزُقَهُ اللهُ الْإِنَابَةَ» (٣).

وأخبر سبحانه أن ثوابه، وجنته لأهل الخشية والإنابة، قَالَ تَعَالَى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيد (٣١) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيب (٣٣)} [ق: ٣١ - ٣٣].

وأخبر سبحانه أن البشرى لأهل الإنابة، قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ


(١) «مدارج السالكين» (١/ ٤٣٤).
(٢) قوله: «فَإِنَّ هَوْلَ المُطَّلَعِ»: قَالَ السِّندِيُّ: مَكَانُ الاِطِّلَاعِ مِن مَوضِعٍ عَالٍ، يُقَالُ: مُطَّلَعُ هَذَا الجَبَلِ مِن مَوضِعِ كَذَا، أَي: مَأتَاهُ وَمَصعَدُهُ، يُرِيدُ بِهِ: مَا يُشرِفُ عَلَيهِ مِن سَكَرَاتِ المَوتِ وَشَدَائِدِهِ، فَشُبِّهَ بِالمُطَّلَعِ، وَعَلَّلَ النَّهيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَمَنَّاهُ لِقِلَّةِ صَبرِهِ وَضَجَرِهِ، فَإِذَا جَاءَ مُتَمَنَّاهُ، ازْدَادَ ضَجَرًا عَلَى ضَجَرٍ، وَيَستَحِقُّ بِذَلِكَ مَزِيدَ سَخَطٍ، وَلِأَنَّ السَّعَادَةَ فِي طُولِ العُمْرِ؛ لِأَنَّ الإِنسَانَ إِنَّمَا خُلِقَ لِاكْتِسَابِ السَّعَادَةِ الأَبَدِيَّةِ، وَرَأسُ مَالِهِ العُمْرُ. هَل رَأَيتَ تَاجِرًا يُضَيِّعُ رَأسَ مَالِهِ؟ ! «مسند الإمام أحمد» (٢٢/ ٤٢٧).
(٣) «مسند الإمام أحمد» (٢٢/ ٤٢٦) (برقم ١٤٥٦٤)، وقال محققوه: حسن لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>