يَعْنِي: أَنْ تُعَجِّلَ الْعَطِيَّةَ لِلْمُعْطَى، وَأَنْ تَصْغُرَ فِي عَيْنِ الْمُعْطِي، وَأَنْ تَسَتُرَهَا عَنِ النَّاسِ فَلَا تُظْهِرُهَا؛ فَإِنَّ فِي إِظْهَارِهَا فَتْحَ بَابِ الرِّيَاءِ، وَكَسْرَ قَلْبِ الْمُعْطَى، وَاسْتِحْيَاءَهُ مِنَ النَّاسِ.
وَقَالَ: أَعَزُّ النَّاسِ عَلَيَّ جَلِيسٌ لَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ لَا يَقَعَ الذُّبَابُ عَلَى وَجْهِهِ لَفَعَلْتُ، وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُكَافِئُ مَنْ أَتَانِي يَطْلُبُ حَاجَةً فَرَآنِي لَهَا مَوْضِعًا إِلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ، وَكَذَا رَجُلٌ بَدَأَنِي بِالسَّلَامِ، أَوْ أَوْسَعَ لِي فِي مَجْلِسٍ، أَوْ قَامَ لِي عَنِ الْمَجْلِسِ، أَوْ رَجُلٌ سَقَانِي شَرْبَةَ مَاءٍ عَلَى ظَمَإٍ، أَوْ رَجُلٌ حَفِظَنِي بِظَهْرِ الْغَيْبِ.
قال عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ: شَتَمَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنَّكَ لَتَشْتُمُنِي وَفِيَّ ثَلَاثُ خِصَالٍ: إِنِّي لَآتِي عَلَى الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَوَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ عَلِمُوا مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَعْلَمُ، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْحَاكِمِ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يَقْضِي بِالْعَدْلِ، فَأَفْرَحُ بِهِ، وَلَعَلِّي لَا أُقَاضِي إِلَيْهِ أَبَدًا، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْغَيْثِ يُصِيبُ الْأَرْضَ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ فَأَفْرَحُ بِهِ، وَمَا لِي بِهَا مِنْ سَائِمَةٍ أَبَدًا.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: سَأَلَ رَجُلٌ ابنَ عَبَّاسٍ عَن قَولِهِ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: ٣٠]؟ فَقَالَ: كَانَتِ السَّمَاءُ رَتْقًا لَا تُمْطِرُ، وَالْأَرْضُ رَتْقًا لَا تُنْبِتُ، فَفَتَقَ هَذِهِ بِالْمَطَرِ، وَهَذِهِ بِالنَّبَاتِ.
وَقَدْ أُصِيبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ فَنَحَلَ جِسْمُهُ، فَلَمَّا أُصِيبَتِ الْأُخْرَى عَادَ إِلَيْهِ لَحْمُهُ فَقِيلَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَصَابَنِي مَا رَأَيْتُمْ فِي الْأُولَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute