للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا نبينا صلى اللهُ عليه وسلم ابتُلِيَ بأنواع من البلاء، فقد شُجَّ رأسه، وكُسِرَت رباعيته، وسُحِرَ، ووُضِعَ سلى الجزور على ظهره، ومات له ستة من الولد، وقُتِلَ أصحابه وأقاربه، ورُمِيَ بالحجارة، وقالوا: ساحر ومجنون، وحُوصِرَ في شعب أبي طالب سنوات حتى أكل هو وأصحابه أوراق الشجر، وأُخرِجَ من بلده.

ونوح عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا وهو يدعوهم إلى الله ليلًا ونهارًا، وسرًا، وجهرًا، ويحيا، وزكريا، ابتليا بالقتل، وأيوب عليه السلام ابتلى بأنواع من البلاء في جسده، حيث لم يبق موضع في جسده لم يسلم من الأذى سوى قلبه ولسانه، كان يذكر الله بهما ويسبح ليلًا، ونهارًا، صباحًا، ومساءً، وهذا الابتلاء لم يزد الأنبياء، والرسل عليهم السلام إلا صبرًا وحمدًا وشكرًا (١).

فالواجب على المؤمن الإيمان بهم، ومحبتهم، ومن كذب برسول منهم فقد كذب بجميع الرسل، قَالَ تَعَالَى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِين (١٢٣)} [الشعراء: ١٢٣].

وجميع الرسل السابقين نسخت شرائعهم بشريعة النبي صلى اللهُ عليه وسلم، قَالَ تَعَالَى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين (٨٥)} [آل عمران: ٨٥]. قَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي» (٢).


(١) «الخطب المنبرية» د. عبد المحسن القاسم (١/ ٣٣ - ٣٦).
(٢) «مسند الإمام أحمد» (٢٣/ ٣٤٩) (برقم ١٥١٥٦)، وصححه الشيخ الألباني كما في «إرواء الغليل» (٦/ ٣٤) (برقم ١٥٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>