للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاليًا ففاضت عيناه.

روى أبو داود في سننه من حديث معاذ - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، وَالْمُسِرُّ بِالْقُرْآنِ كَالْمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ» (١).

وروى الطبراني في المعجم الصغير من حديث عبد الله بن جعفر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ» (٢).

قال العز بن عبد السلام في تفاوت فضل الإِسرار والإِعلان بالطاعات: فإن قيل: هل الإخفاء أفضل من الإعلان لما فيه من اجتناب الرياء أم لا؟ فالجواب أن الطاعات ثلاثة أضرب: أحدها ما شُرِعَ مجهورًا كالأذان والإِقامة والتكبير والجهر بالقراءة في الصلاة؛ والخطب الشرعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وإقامة الجمعة والجماعات، وغير ذلك، فهذا لا يمكن إخفاؤه، فإن خاف فاعله الرياء جاهد نفسه في دفعه إلى أن تحضره نية الإِخلاص، فيأتي به مخلصًا كما شرع؛ فيحصل على أجر ذلك الفعل، وعلى أجر المجاهد لما فيه من المصلحة المتعدية.

الثاني: ما يكون إسراره خيرًا من إعلانه، كإسرار القراءة في الصلاة، وإسرار أذكارها، فهذا إسراره خيرٌ من إعلانه.

الثالث: ما يخفى تارة ويظهر أُخرى، كالصدقات، فإن خاف على


(١) سنن أبي داود برقم (١٣٣٣) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (١/ ٢٤٨) برقم (١١٨٤).
(٢) المعجم الصغير للطبراني (٢/ ٩٥) وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم (٣٧٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>