للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم: «إن قحط الناس أو اشتد المطر حتى يؤذي الناس، فليدعُ المسلمون في أدبار صلواتهم، وسجودهم، وعلى كل حال، ويدعو الإمام في خطبة الجمعة» (١).

الوجه الثاني: أنه وعد الناس يومًا يخرجون فيه إلى المصلى، فخرج لما طلعت الشمس متواضعًا، متبذلًا، متخشعًا، مترسلًا، متضرعًا (٢)، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَبَّرَ صلى الله عليه وسلم، وَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكُم شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُم وَاسْتِئخَارَ المَطَرِ عن إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُم، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عز وجل أَنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكُم أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُم». ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَلِكِ يَوْمِ الدِّيْنِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ»، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ (أَوْ: حَوَّلَ) رِدَاءَهُ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً، فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَلَمْ يَاتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتِ السُّيُولُ، فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الْكِنِّ، ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» (٣).


(١) المحلى (٥/ ٩٣).
(٢) سنن أبي داود برقم (١١٦٥)، والترمذي برقم (٥٥٨)، وقال: حديث حسن صحيح.
(٣) برقم (١١٧٣)، وقال أبو داود: وهذا حديث غريب إسناده جيد، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (١/ ٢١٧) برقم (١٠٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>