للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«والمسح عليهما هو السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كان لابسًا لهما فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرجل، ودليل ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦]. فإن قوله تعالى: {أَرْجُلَكُمْ} فيها قراءتان سبعيتان صحيحتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إحداهما: {أَرْجُلَكُمْ} بالنصب عطفًا على قوله: {وُجُوهَكُمْ}، فتكون الرجلان مغسولتين، والثانية: {أَرْجُلَكُمْ} بالجر عطفًا على رُؤُوسِكُمْ}، فتكون الرجلان ممسوحتين. والذي بيَّن أن الرِّجْلَ تكون ممسوحة أو مغسولة هي السنة، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كانت رجلاه مكشوفتين يغسلهما، وإذا كانتا مستورتين بالخفاف يمسح عليهما» (١).

ومن الأحاديث الواردة في ذلك: ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عروة بن المغيرة عن أبيه قال: كُنتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَهوَيتُ لِأَنزِعَ خُفَّيهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنَّي أَدخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَينِ»، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا (٢).

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث همام بن الحارث قال: رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَسُئِلَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَنَعَ


(١) فتاوى في المسح على الخفين، للشيخ ابن عثيمين (ص: ٢٣ - ٢٥).
(٢) صحيح البخاري برقم (٢٠٦)، وصحيح مسلم برقم (٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>