للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:

«أولًا: الإيمان بوجود الله تعالى

وقد دل على وجوده الفطرة، والعقل، والشرع، والحس، أما دلالة الفطرة، فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه، من غير سبق تفكير، أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة، إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِن مَولُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَو يُنَصِّرَانِهِ، أَو يُمَجِّسَانِهِ»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: ٣٠] (١).

وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى، فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة، ولا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، لأن الشيء لا يخلق نفسه، لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقًا؟ !

ولا يمكن أن توجد صدفة، لأن كل حادث لا بد له من مُحدِثٍ، ولأن وجودها على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض، يمنع منعًا باتًّا أن يكون وجودها صدفة، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده، فكيف يكون منتظمًا حال بقائه وتطوره؟ !


(١) صحيح البخاري برقم (١٣٥٩)، وصحيح مسلم برقم (٢٦٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>