للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاعته، لا على معصيته، لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} [المائدة: ٩٣]. ولهذا لا يجوز أن يستعان بالمباح على المعصية، كمن يعطي اللحم، والخبز من يشرب عليه الخمر، ويستعين به على الفواحش» (١).

فالله تعالى أباح لعباده المؤمنين الطيبات لكي ينتفعوا بها، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤]. فكل ما لم يبين الله ولا رسوله تحريمه من المطاعم، والمشارب فلا يجوز تحريمه، فإن الله قد فصَّل لنا ما حرم، فما كان حرامًا فلا بد أن يكون تحريمه مفصلًا، فكما أنه لا يجوز إباحة ما حرم الله، فكذلك لا يجوز تحريم ما عفا الله عنه ولم يحرمه، قال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩]، فما لم يبين تحريمه فهو حلال. روى الحاكم في مستدركه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا أَحَلَّ أَحَلَّ اللَّهُ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ العَافِيَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا» (٢). ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤].

فقد ذكر أهل العلم قواعد في بيان ما يحرم من الأطعمة، وبعض


(١) فتاوى شيخ الإسلام (٧/ ٤٤)، والاختيارات الفقهية ص: ٤٦٤.
(٢) (٣/ ١٢٧) برقم (٢٤٧١). وأخرجه البزار في مسنده برقم (١١٧)، وقال عقبة: إسناده صالح، وحسنه الألباني في كتابه غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام (ص: ١٤) برقم (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>