للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعلهم كالبنيان يشد بعضه بعضًا وكالجسد الواحد، وأن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فمن دعا على أخيه المسلم باللعنة وهو الإبعاد من رحمة الله تعالى فهو من نهاية المقاطعة والتدابر، وهذا غاية ما يوده المسلم للكافر، ويدعو عليه، ولهذا جاء في الحديث الصحيح «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ» (١). لأن القاتل يقطعه عن منافع الدنيا وهذا يقطعه عن نعيم الآخرة ورحمة الله تعالى، وقيل: معنى لعن المؤمن كقتله في الإثم، وهذا أظهر» (٢).

وبيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لعن العاصي يعين الشيطان عليه، روى البخاري في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رجلًا كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- اسمه عبد الله وكان يلقب حمارًا وكان يضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد جلده في الشراب، فأُتي به يومًا فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به! فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّه مَا عَلِمْتُ إِلَّا أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (٣). وفي رواية: «لا تَكُونُوا عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ» (٤).

ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لعن أي شيء من الدواب، أو الحيوانات، أو الجمادات كالريح والحمى، والدهر، روى مسلم في صحيحه من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك


(١). سبق تخريجه ص ١٩.
(٢). شرح صحيح مسلم (١٦/ ٣٦٤).
(٣). برقم ٦٧٨٠.
(٤). صحيح البخاري برقم ٦٧٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>