للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العموم لاختلاف أحوال الناس، فلكل فرد حكمه الذي يخصه بحسب واقعه وحاله على حد قوله تعالى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨)} [النساء]. فواجد الحيلة غير فاقدها، والقوي غير الضعيف، والغني غير الفقير، وذو العصبة غير الكلالة (١). وهكذا تختلف الأحكام باختلاف الأحوال، وتختلف من جانب آخر، وهو أنها ترجع إلى قواعد تحتاج في تطبيقها على الوقائع إلى النظر الدقيق والفهم الثاقب، والإلمام التام مثل قاعدة «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح» وقاعدة «دفع أعظم الضررين بفعل أدناهما» .. وغيرها.

٣ - مما يعين على الوصول إلى معرفة القول الصائب، المقارنة بين حال الشخص في تلك البلاد الكافرة، وحاله في بلده، فيرجح منهما أكثر الحالين نفعًا وأقلهما ضررًا.

٤ - مما يعين على ذلك معرفة حال تلك الدول الكافرة، فمنها دولٌ المسلمون فيها كثير لهم ثقلهم واعتبارهم، مساجدهم عامرة، وشعائرهم ظاهرة، ومنها دول بخلاف ذلك.

٥ - النظر الدقيق والفهم العميق للنصوص الشرعية والسيرة النبوي يقضي بالتفريق بين من كان من تلك البلاد الكافرة أصلًا ومولدًا، وبين الطارئ عليها، فلا يستوي من إذا خرج من تلك البلاد رجع إلى بلده بين أهله وذويه، وبين من إذا خرج فإنما


(١). ذو العصبة هو الذي له أقارب من قومه أو من بلده يعينونه ويحمونه، والكلالة: الذي ليس له أحد يمنعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>