سننه من حديث معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ:«لَا»، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:«تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ»(١).
«والأولاد منذ القديم كانوا أمنية الناس حتى الأنبياء المرسلين، وسائر عباد الله الصالحين، وسيظلون كذلك ما سلمت فطرة الإنسان، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩)} [الأعراف].
ولما دعا إبراهيم قومه إلى توحيد الله وعبادته دون سواه، وصبر على أذاهم وثابر على دعوتهم، ألقوه في النار وأنجاه الله منها، واعتزلهم وما يعبدون من دون الله؛ فوهب الله له إسماعيل ثم إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب استجابة لقوله: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠)} [الصافات]. بشره بإسماعيل أولًا، ولما بلغ معه السعي ابتلاه فيه وأمره بذبحه، وآثر امتثال أمر ربه على حبه لولده، وصدق في تنفيذ أمره، فبشره ثانيًا بإسحاق نبيًّا من الصالحين، وجعل النبوة في ذرية خليله من بعده، جزاءً كريمًا لصبره على الأذى في سبيل الدعوة إلى الله، ونجاحه فيما ابتلاه الله به من الكلمات.
فالأولاد نعمة تتعلق بها قلوب البشر وترجوها، لتأنس
(١). برقم (٢٠٥٠)، وقال الشيخ الألباني -رحمه الله- كما في صحيح سنن أبي داود (٢/ ٣٨٦) برقم (١٨٠٤): حسن صحيح.