المثال الثالث: ما أمر به الشارع وحث عليه من وجوب الاجتماع والائتلاف ونهيه وتحذيره عن التفرق والاختلاف، على هذا الأصل الكبير من نصوص الكتاب والسنة شيء كثير، قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران: ١٠٣].
وقد علم كل من له أدنى معرفة منفعة هذا الأمر، وما يترتب عليه من المصالح الدينية والدنيوية، وما يندفع به من المضار والمفاسد، ولا يخفى أن القوة المعنوية المبنية على الحق هذا أصلها الذي تدور عليه، كما أنه قد علم ما كان عليه المسلمون في صدر الإسلام من استقامة الدين، وصلاح الأحوال والعزة التي لم يصل إليها أحد سواهم إذ كانوا مستمسكين بهذا الأصل، قائمين به حق القيام، موقنين أشد اليقين أنه روح دينهم يزيد هذا بيانًا وإيضاحًا قول عمر -رضي الله عنه-: «إنا كنا أذل قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله»(١).
المثال الرابع: أن دين الإسلام دين رحمة وبركة وإحسان، وحث على منفعة الإنسان، فما عليه هذا الدين من الرحمة وحسن المعاملة والدعوة إلى الإحسان، والنهي عن كل ما يضاد ذلك، هو الذي صيره نورًا وضياءً بين ظلمات الظلم والبغي وسوء المعاملة، وانتهاك الحرمات.
وهو الذي جذب قلوب من كانوا قبل معرفته ألد أعدائه
(١). مستدرك الحاكم (١/ ٢٣٦ - ٢٣٧) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال محققه: إسناده صحيح.