عليهم شرب المسكرات، وعوضهم عنه بالأشربة اللذيذة والنافعة للروح والبدن، وحرم عليهم الخبائث من المطعومات، وعوضهم عنها بالمطاعم والطيبات.
المثال السادس: دين الإسلام هو دين الحكمة ودين العقل والفطرة والصلاح والفلاح، يوضح هذا الأصل ما هو محتوٍ عليه من الأحكام الأصولية والفروعية التي تقبلها الفطر والعقول، وتنقاد لها بوازع الحق والصواب، وما هي عليه من الأحكام وحسن الانتظام، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، فأخباره كلها حق وصدق، لم يأت - ويستحيل أن يأتي - علم سابق أو لاحق بما ينقضها أو يكذبها، وإنما العلوم الحقَّة كلها تؤازرها وتؤيدها، وهي أعظم برهان على صدقها، قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)} [فصلت].
وقد حقق المحققون المنصفون أن كل علم نافع ديني أو دنيوي أو سياسي فقد دل عليه القرآن دلالة لا ريب فيها، قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)} [الأنعام].
فليس في شريعة الإسلام ما تحيله العقول، وإنما فيه ما تشهد العقول الزكية بصدقه ونفعه وصلاحه، وكذلك أوامره ونواهيه كلها عدل لا ظلم فيها، فما أمر بشيء إلا وهو خير أو راجح، وما نهى إلا عن الشر الخالص، أو الذي مفسدته تزيد على مصلحته، وكلما تدبر اللبيب أحكامه ازداد إيمانًا بهذا الأصل، أو علم أنه تنزيل من حكيم حميد، قال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ