للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: أن هذا لا يمنع فعل الأسباب التي شرع الله لعباده الأخذ بها، قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥].

ثالثًا: في حديث أبي أمامة المتقدِّم إشارة إلى أمرين اثنين.

الأول: أن يسعى العبد في طلب الرزق الحلال، وأن يجتنب الحرام والأسباب المؤدِّية إليه.

الثاني: أن لا يطلب الرزق بجشع وحرص، وليستحضر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ فِيْ قَلبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ؛ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَاتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَاّ مَا قُدِّرَ لَهُ» (١).

قال عمر - رضي الله عنه -: بين العبد وبين رزقه حجاب فإن قنع ورضيت نفسه، أتاه رزقه، وإن اقتحم وهتك الحجاب لم يُزد فوق رزقه (٢).

رابعًا: الأسباب التي تستجلب بها الأرزاق وتستدفع بها المكاره كثيرة وهذه إشارة إلى بعضها.

١ - التوكل على الله.

روى الترمذي في سننه والإمام أحمد في مسنده من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلُوْنَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُوَ خِمَاصًا وَتَرُوْحُ بِطَانًا» (٣).


(١) سنن الترمذي برقم (٢٤٦٥) ومسند الإمام أحمد (٣٥/ ٤٦٧) برقم (٢١٥٩٠)، وقال محققوه: إسناده صحيح.
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ٥٠٢).
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>