للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل لقد وصل الخلاف إلى ما هو أشد من ذلك عند بعض المقلدين، مثاله منع التزاوج بين الحنفي والشافعية، ثم صدرت فتوى من بعض المشهورين عند الحنفية- وهو الملقب بـ «مفتي الثقلين» -فأجاز تزوج الحنفي بالشافعية، وعلل ذلك بقوله: تنزيلًا لها منزلة أهل الكتاب (١)، ومفهوم ذلك- ومفاهيم الكتب معتبرة عندهم - أنه لا يجوز العكس، وهو تزوج الشافعي بالحنفية؛ كما لا يجوز تزوج الكتابي بالمسلمة؟ !

هذان مثالان من أمثلة كثيرة توضح للعاقل الأثر السَّيِّئ الذي كان نتيجة اختلاف المتأخرين وإصرارهم عليه؛ بخلاف اختلاف السلف، فلم يكن له أي أثر سيِّئ في الأمة، ولذلك فهم في منجاة من أن تشملهم آيات النهي عن التفرق في الدين- بخلاف المتأخرين - هدانا الله جميعًا إلى صراطه المستقيم.

وليت أن اختلافهم المذكور انحصر ضرره فيما بينهم، ولم يتعده إلى غيرهم من أمة الدعوة؛ إذن لهان الخطب بعض الشيء، ولكنه - ويا للأسف- تجاوزهم إلى غيرهم من الكفار في كثير من البلاد والأقطار، فصدوهم بسبب اختلافهم، عن الدخول في دين الله أفواجًا» (٢).

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١). البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٢/ ٤٩).
(٢). مقدمة كتاب صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- للشيخ الألباني -رحمه الله- ص ٦٠ - ٦٦ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>