{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢)}: يعني: محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مما يتلوه من القرآن العظيم الذي هو مكتوب في الملأ الأعلى في صحف مطهرة، كقوله: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (١٦)} [عبس: ١٢ - ١٦].
قوله تعالى:{صُحُفًا مُطَهَّرَةً}: أي منزهة من الباطل والتحريف، فالقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} [فصلت: ٤١ - ٤٢]، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩].
قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤)}: قال إمام المفسرين ابن جرير - رحمه الله -: «أي: وما تفرق اليهود والنصارى في أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - فكذبوا به {إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}، يعني: بيان أمر محمد أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه، يقول: فلما بعثه الله تفرقوا فيه، فكذب به بعضهم، وآمن بعضهم، وقد كانوا قبل أن يبعث غير مفترقين فيه أنه نبي»(١)، كما قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)} [آل عمران: ١٠٥].