للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: ٧٨ - ٧٩].

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» (١) وهذا الحديث أصل في تغيير المنكر، ولذلك عدّه أهل العلم من الأحاديث التي عليها مدار الدِّين، حتى قيل إنه شطر الشريعة، وقيل: إنه الإِسلام كله، لأن الإِسلام إما معروف يجب الأمر به أو منكر يجب النهي عنه، وفيه بيان مراتب تغيير المنكر وهي الإِنكار باليد واللسان، وهذا يجب بحسب القدرة والطاقة، وأن لا يترتب عليه منكر أكبر منه.

المرتبة الثالثة: الإِنكار بالقلب يستلزم من العبد مفارقة المكان الذي فيه المنكر.

قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: ١٤٠].

قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: من لم يكن في قلبه بغض ما يبغض الله ورسوله من المنكر الذي حرمه من الكفر والفسوق والعصيان، لم يكن في قلبه الإِيمان الذي أوجبه الله عليه. اهـ. وقال أيضًا: وإذا كان جماع الدِّين وجميع الولايات هو أمر ونهي، فالأمر الذي بعث الله به رسوله هو الأمر بالمعروف، والنهي الذي بعثه به هو النهي عن المنكر، وهذا نعت النبي والمؤمنين، قال تعالى: {وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ


(١) صحيح مسلم (١/ ٦٩) برقم (٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>