والدليل أن المراد بذلك جبريل - عليه السلام - والظاهر - والله أعلم - أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الإسراء؛ لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية وهي الأولى، وأما الثانية، وهي المذكورة في قوله: {وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦)} [النجم: ١٣ - ١٦]. فتلك إنما ذُكرت في سورة النجم، وقد نزلت بعد الإسراء (١).
٥ - ومن خصائصه رحلة الإسراء والمعراج: وما حصل فيها من أحداث، وكذلك إمامته بالأنبياء في بيت المقدس، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١)} [الإسراء: ١].
قال ابن كثير - رحمه الله -: «يمجد تعالى نفسه، ويعظم شأنه، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه، فلا إله غيره، ولا ربَّ سواه، فقد أسرى بعبده محمدٍ صلوات الله وسلامه عليه في جنح الليل من المسجد الحرام وهو مسجد مكة، إلى المسجد الأقصى وهو بيت المقدس الذي [بإيلياء] معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل - عليه السلام -؛ ولهذا جُمعوا له هنالك كلهم، فأمهم في محلتهم ودارهم، فدل على أنه هو الإمام الأعظم، والرئيس