للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه فارس الإِسلام خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي المكي، وهو ابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، كان رجلاً ضخمًا، عريض المنكبين، قوي البنية، أَشبه الناس بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقد كانت لهذا الصحابي مواقف عظيمة تدل على شجاعته ونصرته لهذا الدِّين، ومن هذه المواقف: معركة مؤتة الشهيرة، وقد حدثت سنة ثمان من الهجرة في نفس السنة التي أسلم فيها خالد، وكان عدد جيش المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل، وعدد جيش الروم مائتي ألف مقاتل، ونظرًا لعدم تكافؤ العدد بين المسلمين وعدوهم، فقد ظهرت في هذه المعركة بطولات عظيمة للمسلمين، فقد أمَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - على جيش المسلمين زيد بن حارثة، فإن قتل فجعفر بن أبي طالب، فإِن قتل فعبد الله بن رواحة، وقد استشهد القادة في هذه المعركة، بعد ذلك أخذ الراية ثابت بن أقرم، وقال للمسلمين: أمّروا عليكم رجلاً، فاختاروا خالد بن الوليد، وهنا ظهرت شجاعته العظيمة وعبقريته الفذة، فقام بإعادة ترتيب جيش المسلمين مرة ثانية، فجعل الميمنة ميسرة، والميسرة ميمنة، ثم جعل بعض الجيش يتأخر قليلاً، ثم بعد فترة يأتون على هيئة مدد، حتى يضعف من عزيمة العدو، ثم حمل بالمسلمين حملة عظيمة على الروم جعلتهم يتقهقرون وتضعف عزيمتهم، وأَبدى - رضي الله عنه - من صنوف الشجاعة والبطولة ما تتقاصر عنه همم الأَبطال، ثم إنه بحنكته وسياسته اتخذ طريقة عجيبة في الانسحاب المنظم بالمسلمين، واكتفى بتلك الضربة، ورأى ألا يقحم المسلمين في معركة غير متكافئة، وقد سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك فتحًا، فقال عندما نعى القادة الثلاثة: «ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ، حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ «(١).


(١) صحيح البخاري برقم (٣٧٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>