للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - ألا يكثر منه فيصبح ديدنه، وإنما يكون المزاح بمقدار الملح في الطعام، قال النووي - رحمه الله -: قال العلماء: «المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط، ويُداوم عليه، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويُورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله، فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يفعله في نادر من الأحوال لمصلحة وتطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهذا لا منع منه قطعًا بل هو سنة مستحبة إذا كان بهذه الصفة، فاعتمد ما نقلناه عن العلماء وحققناه في هذه الأحاديث، وبيان أحكامها، فإنه مما يعظم الاحتياج إليه. وبالله التوفيق» (١).

٦ - أن ينزل الناس منازلهم، فلا يصلح أن يمزح مع جميع الناس، فالكبير له قدره، وللعالم منزلته، فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لا يعرفه، قال سعيد بن العاص: «اقتصد في مزاحك، فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرئ عليك السفهاء» (٢).

قال ابن حبان - رحمه الله -: «من مازح رجلًا من غير جنسه، هان عليه واجترأ عليه، وإن كان المزاح حقًّا؛ لأن كل شيء لا يجب


(١). الأذكار من كلام سيد الأبرار للنووي ص ٥٢٦.
(٢). محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء، للراغب الأصفهاني (١/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>