للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرصة، فليس في قتل الشهيد مصيبة زائدة على ما هو معتاد لبني آدم، فمن عد مصيبة هذا القتل أعظم من مصيبة الموت على الفراش فهو جاهل، بل موت الشهيد من أيسر الميتات، وأفضلها، وأعلاها» (١).

قال المناوي - رحمه الله -: «يعني أنه تعالى يهون عليه الموت، ويكفيه سكراته وكربه، بل رُبَّ شهيد يتلذذ ببذل نفسه في سبيل الله طيبة بها نفسه» (٢).

وأختم بهذه الأبيات التي أرسلها عبد الله بن المبارك - رحمه الله - إلى الفضيل بن عياض من طرسوس:

يَا عَابِدَ الحَرَمْينِ لَوْ أَبصْرتَنَا ... لَعَلِمْتَ أَنَّكَ فِي العِبَادَةِ تَلْعَبُ

مَنْ كَانَ يَخْضِبُ خَدَّهُ بِدُمُوعِهِ ... فَنُحُورُنَا بِدِمَائِنَا تَتَخَضَّبُ

أَوْ كَاَن يُتْعِبُ خَيْلَهُ فِي بَاطِلٍ ... فَخُيولُنَا يَوْمَ الصَّبِيحَةِ تَتْعَبُ

رِيحُ العَبِيرِ لَكُمْ ونَحْنُ عَبِيرُنَا ... رَهْجُ السَّنَابِكِ (٣) والغُبَارُ الأَطْيَبُ

وَلَقَدْ أَتَانَا مِنْ مَقَالِ نَبِيِّنَا ... قَوْلٌ صَحِيحٌ صَادِقٌ لَا يَكْذِبُ

لَا يَسْتَوِي غُبْارُ خَيْلِ اللهِ فِي ... أَنْفِ امْرِئٍ وَدُخَانُ نَارٍ تَلْهَبُ

هَذَا كِتَابُ اللهِ يَنطِقُ بَيْنَنَا ... لَيْسَ الشَّهِيدُ بِمَيِّتٍ لَا يَكْذِبُ


(١). إغاثة اللهفان (٢/ ١٩٤).
(٢). فيض القدير (٤/ ١٨٢).
(٣) الرهج: الغبار، والسنابك جمع سنبك، طرف حافر الخيل وجانباه من قدام.

<<  <  ج: ص:  >  >>