للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى النسائي في سننه من حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عن سعد بن معاذ: «هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ» (١).

قال الشافعي:

يومُ القيامةِ لا مالٌ ولَا وَلَدُ ... وَضَمَّةُ القَبْرِ تُنسي لَيلَةَ العُرس

ليتصور كل واحد منا نفسه وقد حُمل على أكتاف الرجال، ووُضع في هذه الحفرة الضيقة المظلمة التي لا أنيس فيها، ولا جليس، ولا مال، ولا بنون، وأصبح القبر مسكنه، والتراب فراشه والدود أنيسه، في ذاك الموقع لا تنفع الأموال، ولا المناصب، ولا الشهادات، قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَاّ مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِ آَمِنُونَ} [سبأ: ٣٧].

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ، وَمَالُهُ، وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ» (٢). فينبغي للمؤمن أن يتدارك نفسه وأن يبادر بالتوبة النصوح؛ وأن يلزم نفسه بالطاعة والتقوى، وأن يكون على استعداد للقاء ربه.

قال الشاعر:

تَزَوَّد من التَّقوَى فَإنَّكَ لا تَدْرِي ... إِذا جَنَّ ليلٌ هل تَعيش إلى الفَجر

فَكَم من فتًى يُمسيِ ويُصبحُ لَاهِيًا ... وقد نُسجتَ أكْفَانُهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي

وكم من صحيح مَاتَ من غير علَّةٍ ... وكم من سقيم عاش حينًا من الدَّهر


(١) سبق تخريجه.
(٢) صحيح البخاري برقم (٦٥١٤)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>