للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التنبيه على الإِخلاص؛ لأن كثيرًا لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه (١)، قال الشافعي: وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولم ينسب إليَّ منه شيء.

وهذا موسى عليه السلام لما أمره الله بدعوة فرعون سأل ربه أن يرزقه حسن الإِبانة عما يريد، لا ليُقال خطيبًا أو فصيحًا كما أخبر سبحانه أنه قال: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي} [طه: ٢٧].

ثانيًا: على الداعي إلى الله أن يتزود بالعلم الشرعي، كما قال تعالى لنبيه: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤]، فإنه بهذا تكون دعوته أقرب إلى دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحري بمن كان كذلك أن تستجاب دعوته.

قال ابن القيم رحمه الله: وإذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد، وأجلها، وأفضلها، فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه، بل لابد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى أقصى حد يصل إليه السعي، ويكفي في هذا شرف العلم، أن صاحبه يحوز به هذا المقام، والله يؤتي فضله من يشاء (٢). اهـ.

ثالثًا: دل قوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [يس: ٢١]، وقوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦]: أن من توفر فيه هذان الأمران، كانت دعوته واجبة القبول.

وهما: ألا يأخذ على دعوته أجرًا سوى ما يرجوه من ربه (٣)، وأن يكون من المهتدين، وذلك يشمل هدايته في دعوته وهدايته في نفسه، وفي ضمن هذا التنبيه للدَّاعي إلى الله كما يدعو الناس بقوله أن يدعوهم بعمله.


(١) كتاب التوحيد (ص: ١٦).
(٢) التفسير القيم (ص: ٣١٩).
(٣) ولا يدخل في ذلك ما يأخذه من كلف بالدعوة من أجر من بيت المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>