للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما عاش، ودائمًا ما بقي، وكانت سجاياهم تأبى الإيمان واتباع الحق.

ولما يئس نوح - عليه السلام - من صلاحهم، وفلاحهم، ورأى أنه لا خير فيهم، وتوصلوا إلى أذيته، ومخالفته، وتكذيبه بكل طريق من فعال ومقال، دعا عليهم دعوة غضب لله، فلبى الله دعوته، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦)} [الصافات:٧٥ - ٧٦].

وقال تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨)} [الشعراء:١١٧ - ١١٨]، فاجتمع عليهم خطاياهم من كفرهم وفجورهم، ودعوة نبيهم عليهم، فعند ذلك أمره الله تعالى أن يصنع الفلك وهي السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها، ولا يكون بعدها مثلها، وأخبره الله تعالى أنه إذا جاء أمره، وحل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين أنه لا يعاوده فيهم ولا يراجعه، فإنه لعله قد تدركه رقة على قومه عند معاينة العذاب النازل بهم، فإنه ليس الخبر كالمعاينة، قال تعالى: {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨)} [هود:٣٧ - ٣٨].

وقد كان حالهم الكفر الغليظ، والعناد البالغ في الدنيا، وهكذا في الآخرة، فإنهم يجحدون أيضًا أن يكون جاءهم

<<  <  ج: ص:  >  >>