صفات ملازمة، إن وجد ما ينافيها فإنه عارض يعرض ثم يزول: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ هَؤُلَاءِ (٦٥)} [الأنبياء:٦٤ - ٦٥].
فحينئذ وبخهم بعد إقامة الحجة التي اعترف بها الخصوم على رؤوس الأشهاد، فقال لهم: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٧)} [الأنبياء:٦٦ - ٦٧]، فلو كان لكم عقول صحيحة لم تقيموا على عبادة ما لا ينفع ولا يضر، ولا يدفع عن نفسه من يريده بسوء، فلما أعيتهم المقاومة بالبراهين والحجج عدلوا إلى استعمال قوتهم وبطشهم وجبروتهم في عقوبة إبراهيم فقالوا: {حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨)} [الأنبياء:٦٨]، فأوقدوا نارًا عظيمة جدًّا فألقوه فيها، فقال وهو في تلك الحال: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال الله للنار: {يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)} [الأنبياء:٦٩]، فلم تضره بشيء، وأرادوا به كيدًا لينصروا آلهتهم، ويقيموا لها في قلوبهم وقلوب أتباعهم الخضوع والتعظيم، فكان مكرهم وبالًا عليهم، وكان انتصارهم لآلهتهم نصرًا عظيمًا عند الحاضرين والغائبين والموجودين والحادثين عليهم، وانتصر الخليل على الخواص والعوام والرؤساء والمرؤوسين حتى إن مَلِكهم حاجَّ إبراهيم في ربه بغيًا وطغيانًا {أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} فقال